أهلاً بكم يا رفاق! هل سبق لكم أن تساءلتم معي، ما الذي يدفع شخصًا لارتكاب جريمة تهز المجتمع بأسره؟ ألا يشغل بالكم الأسباب الخفية وراء هذه الأفعال الشنيعة؟ لطالما فكرتُ في أن كل قصة تحمل خلفها أبعادًا نفسية واجتماعية تستحق التأمل، وقد رأيتُ بنفسي كيف تتغير حياتنا وتتأثر عندما نفهم الدوافع وراء الأحداث الكبرى.
في عالمنا العربي، شهدنا قصصًا تركت بصماتها العميقة، وربما كان لفهم مرتكبيها دور في حماية مجتمعنا. تعالوا معنا نغوص في أعماق هذه الظواهر ونكشف أسرارها معًا.
لنكتشف الحقيقة وراء هؤلاء الأفراد ونفهم ما الذي يدور في أذهانهم بالضبط!
المتاهة النفسية: فك شفرة عقل الجاني

أحيانًا، عندما أقرأ عن جريمة مروعة تهز أركان المجتمع، لا أستطيع إلا أن أتساءل: “ما الذي كان يدور في رأس هذا الشخص؟” أشعر وكأنني أقف أمام متاهة معقدة من الأفكار والمشاعر المكبوتة.
ليس الأمر مجرد فعل لحظي، بل غالبًا ما يكون تتويجًا لسلسلة طويلة من الأحداث والتجارب التي شكلت شخصية الفاعل. لقد رأيتُ بنفسي كيف أن تفاصيل بسيطة في نشأة أحدهم يمكن أن تتحول إلى جذور عميقة لمشاكل مستقبلية.
لا يمكننا أن نغض الطرف عن حقيقة أن العقل البشري، في أشد حالات تعقيده، قد يصبح أرضًا خصبة للبذور السوداء إذا لم تُسقَ بالاهتمام والرعاية الكافية. كل تصرف، مهما بدا شنيعًا، يحمل وراءه قصة، وأنا أومن بأن فهم هذه القصة هو الخطوة الأولى نحو منع تكرارها.
إنها رحلة في أعماق النفس البشرية، رحلة مليئة بالظلال، لكنها ضرورية لتسليط الضوء على ما يكمن في الظلام. فكروا معي قليلًا، أليس من واجبنا أن نحاول فهم، لا لتبرير، بل للوقاية والحماية؟
صراعات الطفولة وأثرها العميق
دائمًا ما أقول إن الطفولة هي حجر الزاوية الذي تبنى عليه شخصية الإنسان. لقد لاحظتُ في كثير من الحالات التي تابعتها، أن العديد من الأفراد الذين ارتكبوا جرائم مروعة كانوا قد مروا بطفولة صعبة للغاية.
أتذكر مرة أنني قرأت عن حالة حيث تعرض الجاني للإهمال الشديد وسوء المعاملة منذ سنواته الأولى. هذه التجارب المؤلمة لا تمحى بسهولة؛ بل تترك ندوبًا عميقة في النفس.
الشعور بالرفض، الوحدة، الخوف المستمر، كلها عوامل قد تتراكم لتشكل شخصية هشة، أو على النقيض تمامًا، شخصية عدوانية تبحث عن السيطرة والقوة التي حُرمت منها في الصغر.
الأمر يشبه تمامًا نباتًا ينمو في تربة سيئة؛ قد يصبح مشوهًا أو غير قادر على الثمر. هذه الصراعات الداخلية، إن لم تعالج، تتحول إلى قنابل موقوتة تنتظر اللحظة المناسبة للانفجار، وتأخذ المجتمع ككل رهينة لهذه المعاناة القديمة.
اضطرابات الشخصية وكيف تتجلى
صدقوني، ليس كل شخص يرتكب جريمة هو “شرير” بطبعه، بقدر ما هو ضحية لاضطرابات نفسية لم يتم تشخيصها أو علاجها. لقد مر عليّ قصص لأشخاص كانوا يعانون من اضطرابات مثل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أو اضطراب الشخصية الحدية، وهذه الاضطرابات يمكن أن تحول حياة الفرد إلى جحيم، وحياة من حوله إلى كابوس.
أنا شخصيًا أؤمن بأن الوعي بهذه الاضطرابات هو خط الدفاع الأول. فعندما يكون هناك نقص في التعاطف، أو اندفاعية شديدة، أو عدم القدرة على التحكم في الغضب، فإن هذه العلامات يجب أن تُؤخذ على محمل الجد.
تخيلوا معي شخصًا يعيش في عالم حيث لا يستطيع تمييز الصواب من الخطأ، أو حيث مشاعره متقلبة لدرجة أنه لا يستطيع بناء علاقات مستقرة. هذا ليس مبررًا لأفعالهم، لكنه تفسير يساعدنا على فهم كيف يمكن أن يصل الإنسان إلى هذا المنعطف المظلم في حياته.
أصداء المجتمع: كيف يصوغ المحيط السلوك الإجرامي؟
لطالما فكرتُ في أن الإنسان ليس جزيرة منعزلة؛ بل هو نتاج بيئته وتفاعلاته معها. أليس هذا ما نراه كل يوم حولنا؟ المجتمع الذي نعيش فيه، بالخير والشر فيه، يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على سلوك أفراده.
عندما نشهد جريمة، من السهل أن نلقي باللوم كله على الفرد، ولكن هل فكرنا يومًا في العوامل المجتمعية التي قد تكون ساهمت في دفعه إلى هذا الطريق؟ أنا شخصيًا أرى أن الأمر أشبه بدائرة متكاملة، حيث يتأثر الفرد بالمجتمع، ويؤثر المجتمع بدوره في الفرد.
عندما ينهار الدعم الاجتماعي، أو تتآكل القيم، أو تنتشر بعض الظواهر السلبية، فإن التربة تصبح جاهزة لنمو بذور السلوك الإجرامي. تذكروا دائمًا أننا جميعًا جزء من هذا النسيج، ومسؤوليتنا تكمن في الحفاظ على سلامته وقوته.
الفوارق الاجتماعية والاقتصادية كدافع
لا أحد يستطيع أن ينكر أن الفقر والحرمان يمكن أن يدفعا بعض الناس إلى اليأس، وإلى ارتكاب أفعال لم يكونوا ليتخيلوها في ظروف أخرى. لقد شاهدتُ بنفسي كيف يمكن أن تؤثر الفوارق الاقتصادية الصارخة على نفوس الشباب.
عندما يرى الشاب أقرانه يتمتعون بفرص وحياة كريمة، بينما هو يصارع لتوفير لقمة العيش، يمكن أن ينشأ لديه شعور بالظلم والحرمان يؤدي به إلى طرق ملتوية. ليس هذا تبريرًا، بل هو محاولة لفهم الدوافع.
تخيلوا معي حجم الضغط النفسي الذي يواجهه شخص لا يجد قوت يومه، أو لا يستطيع توفير التعليم لأبنائه. هذا الضغط، بالإضافة إلى ضعف الرقابة الاجتماعية وتآكل القيم، قد يجعله يرى في الجريمة مخرجًا أو وسيلة للنجاة، أو حتى وسيلة للانتقام من مجتمع يراه ظالمًا.
تأثير الجماعات والضغط السلبي
هل تذكرون المثل الذي يقول: “قل لي من تصاحب أقل لك من أنت”؟ هذا المثل ينطبق تمامًا على تأثير الجماعات على الفرد، خاصة في مرحلة الشباب. لقد رأيتُ حالات عديدة لأفراد كانوا يتمتعون بسمعة طيبة، ولكنهم انجرفوا مع جماعات سيئة أثرت عليهم سلبًا.
أحيانًا يكون الضغط الاجتماعي من الأقران قويًا جدًا لدرجة أن الفرد يتخلى عن قيمه ومبادئه للانتماء أو لتجنب الرفض. هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى تجريب المخدرات، السرقة، أو حتى أعمال عنف أكبر.
الشعور بالانتماء، مهما كان خاطئًا أو مدمرًا، يمكن أن يكون دافعًا قويًا، خاصة للأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أو عدم القبول في بيئاتهم الطبيعية. أنا أرى أن التوعية بخطورة هذه الجماعات وأهمية اختيار الأصدقاء الصالحين أمر بالغ الأهمية لحماية شبابنا.
الندوب الخفية: الصدمات وتأثيرها المدمر
أحياناً، لا يمكننا رؤية الجروح. إنها ليست كجرح في اليد أو كسر في العظم، بل هي أعمق بكثير. أتحدث عن ندوب الروح، عن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الإنسان وتترك بصمتها التي لا تمحى.
لقد التقيتُ بأشخاص عانوا من تجارب قاسية في حياتهم، ورأيتُ كيف أن هذه التجارب، إن لم تعالج، يمكن أن تتحول إلى وحش يلتهم صاحبها ويدفعه إلى أفعال قد لا يتخيلها أحد.
ليس من السهل أبدًا أن تتعافى من صدمة عميقة، خاصة إذا لم تجد الدعم الكافي. هذه الندوب الخفية هي التي تحول الضحايا إلى محتملين للجريمة، سواء كضحايا آخرين أو، للأسف الشديد، كمرتكبين لها في حلقة مفرغة من الألم.
قوة الصدمة العاطفية وأعراضها
الصدمة العاطفية ليست مجرد حزن عابر؛ إنها زلزال يضرب الروح ويغير معالمها. لقد قرأتُ عن حالات عانت من فقدان عزيز بطريقة مأساوية، أو تعرضت لحوادث عنف تركت آثارًا نفسية عميقة.
أعراض هذه الصدمات يمكن أن تتجلى بطرق مختلفة، من الاكتئاب والقلق الشديدين، إلى نوبات الغضب غير المبررة، أو حتى الانفصال عن الواقع. تخيلوا معي شخصًا يعيش في حالة تأهب دائم، أو يرى العالم مكانًا معاديًا بعد تجربة مؤلمة.
هذه الأعراض لا تذهب وحدها، بل تتطلب تدخلًا متخصصًا ودعمًا عائليًا ومجتمعيًا. عدم التعامل مع هذه الصدمات قد يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية، والتي قد تنفجر في لحظة ضعف في شكل سلوك عنيف أو إجرامي.
دائرة العنف: هل يورث السلوك؟
هذا سؤال يؤرقني كثيرًا: هل العنف يورث؟ ليس بالمعنى الجيني، بل بالمعنى السلوكي والاجتماعي. لقد لاحظتُ أن الأطفال الذين ينشأون في بيئات عنيفة، حيث يرون العنف كأداة لحل المشكلات أو كطريقة للتعبير عن الغضب، غالبًا ما يتبنون هذا السلوك بأنفسهم.
الأمر يشبه تعلم لغة؛ إذا كانت لغة التواصل الوحيدة التي تعرفها هي العنف، فمن المحتمل أن تتحدث بها. هذه الدائرة المفرغة من العنف تنتقل من جيل إلى جيل إذا لم يتدخل أحد لكسرها.
فكم من القصص سمعنا عن جاني كان هو نفسه ضحية للعنف في طفولته؟ إن كسر هذه الدائرة يتطلب وعيًا وجهدًا مجتمعيًا كبيرًا، بدءًا من التوعية بأضرار العنف الأسري ووصولًا إلى توفير الدعم النفسي للضحايا.
جاذبية الجانب المظلم: استكشاف دوافع أبعد من الفهم
في بعض الأحيان، أشعر أن هناك دوافع للجريمة تتجاوز مجرد الظروف الاجتماعية أو الصدمات النفسية. كأن هناك جانبًا مظلمًا في النفس البشرية ينجذب إليه البعض، بدافع الفضول أو الرغبة في تجريب الحدود.
ليس كل من يرتكب جريمة مدفوعًا باليأس أو الحرمان؛ بعض الأحيان تكون الدوافع أكثر تعقيدًا، وأكثر إثارة للقلق. لقد رأيتُ بنفسي كيف أن بعض الأفراد يندفعون نحو الشر ليس لحاجتهم، بل لرغبتهم في السلطة، أو لمجرد الشعور بالقوة والتحكم في حياة الآخرين.
هذه الدوافع تجعلنا نتساءل عن طبيعة الشر نفسه، وعن مدى قدرة الإنسان على الانجراف نحو هذا الجانب المظلم من دون سبب واضح للعيان.
البحث عن القوة والتحكم
الشعور بالقوة والقدرة على التحكم في الآخرين يمكن أن يكون دافعًا قويًا لبعض الأفراد. أتذكر قصة قرأتها عن شخص كان يشعر بالضعف والعجز في حياته الشخصية، ولكنه وجد نوعًا من الرضا والسيطرة من خلال إلحاق الأذى بالآخرين.
هذا الشعور بالسيطرة المزيفة يمنحه إحساسًا بالقيمة لم يجده في أي مكان آخر. إنه بحث خطير عن تأكيد الذات، ولكنه يأتي على حساب معاناة الآخرين. إنها رغبة في ملء فراغ داخلي، أو في التعويض عن شعور بالنقص، بطرق مدمرة لا يمكن أن تجلب السلام الحقيقي.
هذا النوع من الدوافع يذكرني دائمًا بأهمية بناء الثقة بالنفس والتقدير الذاتي بطرق صحية وإيجابية.
الأوهام والانتقام كبواعث

أحيانًا تكون الدوافع خلف الجريمة أكثر غرابة، مثل الأوهام التي تسيطر على عقل الجاني، أو الرغبة في الانتقام التي تتملك روحه. لقد عايشتُ حالات حيث كان الجاني يعتقد أنه ينفذ “عدالة” خاصة به، مدفوعًا بمشاعر مظلومية عميقة أو أوهام اضطهاد.
هذا النوع من التفكير يمكن أن يؤدي إلى أفعال لا يمكن للعقل السليم استيعابها. الانتقام، بدوره، هو نار تحرق صاحبها قبل أن تحرق عدوه. عندما يتملك شعور الانتقام من شخص، فإنه يفقد القدرة على رؤية الأمور بمنظورها الصحيح، ويصبح كل هدفه هو إلحاق الأذى بالطرف الآخر، حتى لو كلفه ذلك حريته أو حياته.
هذه المشاعر السلبية تحتاج إلى معالجة جذرية قبل أن تتفاقم وتتحول إلى كوارث.
عندما يخبو التعاطف: تآكل حس الإنسانية
أحد أكثر الجوانب إثارة للقلق في الجريمة هو عندما يغيب التعاطف تمامًا. ألا ترون معي أننا كبشر، نتميز بقدرتنا على فهم مشاعر الآخرين والتأثر بها؟ ولكن ماذا يحدث عندما تتآكل هذه القدرة؟ عندما يصبح الإنسان غير قادر على الشعور بألم الآخر، أو حتى مجرد تخيله، فإن الخطوط الفاصلة بين الصواب والخطأ تتلاشى.
لقد رأيتُ بنفسي كيف يمكن أن يتحول شخص كان يبدو عاديًا إلى مرتكب لأفعال لا تظهر فيها أي لمسة إنسانية. هذا التآكل في التعاطف ليس مجرد غياب للشعور؛ بل هو مؤشر خطير على مشكلة أعمق، مشكلة تتطلب منا وقفة وتأملًا.
عوامل فقدان التعاطف
هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان التعاطف، بعضها نفسي وبعضها اجتماعي. أتذكر أنني قرأت عن دراسات تشير إلى أن التعرض المستمر للعنف، سواء في وسائل الإعلام أو في الحياة الواقعية، يمكن أن يقلل من حساسية الفرد تجاهه.
كما أن بعض اضطرابات الشخصية، مثل الشخصية النرجسية أو المعادية للمجتمع، تتميز بنقص حاد في التعاطف. لكن الأمر لا يقتصر على الاضطرابات؛ أحيانًا تكون الحياة القاسية، أو الشعور المستمر بالتهديد، أو حتى العزلة الاجتماعية، كافية لجعل الإنسان يغلق قلبه على نفسه ويتوقف عن الشعور بالآخرين كآلية دفاعية.
هذه العوامل، إذا تراكمت، يمكن أن تخلق حاجزًا سميكًا بين الفرد ومجتمعه، وتدفعه نحو اللامبالاة بألم الآخرين.
تأثير العزلة على الفرد والمجتمع
لقد أدركتُ، مع مرور الوقت، أن العزلة يمكن أن تكون سمًا قاتلًا للروح. عندما ينفصل الفرد عن مجتمعه، يفقد الاتصال بالواقع، ويفقد المعايير الاجتماعية التي توجه سلوكه.
تخيلوا معي شخصًا لا يتحدث مع أحد، ولا يشارك في أي نشاط اجتماعي، ولا يجد من يستمع إليه. هذا الشخص قد يبدأ في تطوير أفكار مشوهة عن العالم، ويفقد القدرة على رؤية نفسه كجزء من نسيج أكبر.
العزلة لا تؤثر على الفرد فقط، بل تؤثر على المجتمع ككل، لأنها تفقده عضوًا فعالًا وتخلق فراغًا قد يملأه الشك والخوف. أنا شخصيًا أؤمن بأن التواصل والدعم الاجتماعي هما ركيزتان أساسيتان لبناء مجتمع صحي ومتعاطف.
ما وراء العناوين: القصة الإنسانية وراء كل جريمة
عندما نسمع عن جريمة في الأخبار، غالبًا ما نرى العناوين الرئيسية فقط: “جريمة مروعة”، “فاعل مجهول”، “ضحية بريئة”. ولكن هل فكرنا يومًا في أن وراء كل عنوان، هناك قصة إنسانية كاملة؟ هناك حياة فقدت، وعائلة تتألم، ومجتمع يتساءل.
وهناك أيضًا الجاني، الذي غالبًا ما يختزل في كلمات مثل “شرير” أو “مجرم”. أنا أؤمن بأن فهم هذه القصص، بكل تفاصيلها، هو جزء أساسي من معالجة المشكلة. ليس الهدف هو تبرير أي فعل خاطئ، بل هو البحث عن الأسباب الجذرية، عن الخيوط الخفية التي نسجت هذه المأساة.
علينا أن ننظر إلى ما وراء السطح، وأن نحاول أن نفهم البشر، بكل تعقيداتهم، حتى عندما يرتكبون أفظع الأفعال.
المسؤولية المجتمعية في فهم الوقائع
كم مرة سمعنا عن جريمة وتسرعنا في إصدار الأحكام؟ أعترف أنني وقعت في هذا الفخ أحيانًا. ولكن مع التجربة، أدركت أن المسؤولية المجتمعية لا تتوقف عند إدانة الفعل؛ بل تمتد إلى محاولة فهم الأسباب.
فهم الوقائع بكل أبعادها، من دون تحيز أو أحكام مسبقة، يساعدنا على تحديد نقاط الضعف في مجتمعنا، وعلى تطوير استراتيجيات وقائية أكثر فعالية. تذكروا، كل فرد في المجتمع يمكن أن يكون له دور في هذا الفهم، من خلال التوعية، أو الدعم النفسي، أو حتى مجرد الاستماع والتعاطف.
عندما نفهم، نصبح أكثر قدرة على العمل نحو التغيير الإيجابي.
كيف يمكننا المساهمة في التغيير؟
الآن بعد أن غصنا في أعماق هذه الظواهر، يأتي السؤال الأهم: كيف يمكننا أن نساهم كأفراد ومجتمعات في التغيير؟ أنا شخصيًا أرى أن الأمر يبدأ من نشر الوعي، ودعم الصحة النفسية، وتوفير فرص متكافئة للجميع.
فكروا معي: لو أن كل واحد منا اهتم بشخص يشعر بالوحدة، أو مد يد العون لأسرة فقيرة، أو شجع على ثقافة التسامح والتعاطف، ألن نرى فرقًا كبيرًا؟ التغيير لا يأتي من الحكومات وحدها، بل يبدأ من كل واحد منا.
من خلال دعم التعليم الجيد، وتشجيع الحوار المفتوح، وتوفير الدعم النفسي لمن يحتاجه، يمكننا أن نبني مجتمعًا أكثر أمانًا وتفاهمًا. إنها رحلة طويلة، ولكن كل خطوة صغيرة نخطوها نحو فهم أفضل وإنسانية أعمق، هي خطوة تستحق العناء.
| العوامل المؤثرة | أمثلة على التأثير | أهمية الفهم |
|---|---|---|
| الصدمات النفسية | اضطرابات سلوكية، فقدان الثقة، الاكتئاب المزمن | التعافي والدعم النفسي لمنع تدهور الحالة |
| الظروف الاجتماعية والاقتصادية | اليأس، الحرمان، الشعور بالظلم، الانجراف نحو الانحراف | توفير الفرص، العدالة الاجتماعية، الحد من الفقر |
| اضطرابات الشخصية | نقص التعاطف، الاندفاعية، السلوك العدواني | التشخيص المبكر والعلاج المتخصص |
| تأثير الجماعات السلبية | الانجراف نحو العنف أو الإدمان، التخلي عن القيم | التوعية باختيار الأصدقاء، دور الأسرة في المتابعة |
| العزلة الاجتماعية | تطوير أفكار مشوهة، فقدان الارتباط بالواقع | تشجيع التواصل الاجتماعي، بناء شبكات دعم مجتمعي |
ختاماً
يا أصدقائي، لقد كانت رحلتنا اليوم في أعماق النفس البشرية رحلة شاقة، مليئة بالظلال والتعقيدات. ولكنني أؤمن بشدة أن كل فهم جديد، مهما كان مؤلماً، هو خطوة نحو بناء عالم أفضل وأكثر إنسانية. تذكروا دائماً أن خلف كل فعل، هناك قصة، وخلف كل شخص، هناك عالم كامل من التجارب والمشاعر. مسؤوليتنا جميعاً أن نضيء تلك الزوايا المظلمة بالوعي والتعاطف، لأن في الفهم يكمن مفتاح التغيير الحقيقي.
معلومات مفيدة قد تهمك
1. التوعية بالصحة النفسية: لا تتردد أبداً في البحث عن الدعم النفسي المتخصص لك أو لمن حولك. فالعقل السليم هو أساس السلوك السوي، وكثير من المشاكل تبدأ صغيرة وتتفاقم مع الإهمال.
2. بناء مجتمعات قوية: شارك في الأنشطة المجتمعية، ادعم جيرانك، وكن جزءاً فعالاً في نسيج مجتمعك. فالترابط الاجتماعي يحمي الأفراد من الانعزال والتطرف.
3. فهم الدوافع وليس تبريرها: حاول أن تفهم الأسباب وراء السلوكيات، حتى لو كانت خاطئة. فالفهم يفتح باباً للحل والوقاية، دون أن يعني ذلك القبول بالفعل نفسه.
4. أهمية التربية الإيجابية: اهتموا بفلذات أكبادكم، امنحوهم الحب والدعم، وعلموهم قيم التعاطف والتسامح. فالطفولة السعيدة هي أساس بناء شخصيات متوازنة وقادرة على العطاء.
5. الحذر من الشائعات والأحكام المسبقة: لا تدعوا الأخبار السطحية تشكل قناعاتكم الكاملة. ابحثوا عن الحقيقة، استمعوا لجميع الأطراف، وتذكروا أن لكل قصة وجهين على الأقل.
أهم النقاط التي يجب تذكرها
خلاصة القول، إن فهم تعقيدات السلوك الإجرامي يتطلب منا النظر بعمق إلى عوامل متعددة: من الصدمات النفسية وتأثيرات الطفولة، إلى الفوارق الاجتماعية وتأثير الجماعات، وصولاً إلى ضعف التعاطف. كل هذه العناصر تتشابك لتشكل لوحة معقدة. إن مسؤوليتنا كأفراد ومجتمعات هي تعزيز الوعي، توفير الدعم النفسي، وبناء بيئات داعمة تقلل من فرص انزلاق الأفراد نحو الجانب المظلم، مع التأكيد على أن الوقاية خير من العلاج وأن التعاطف هو جسرنا نحو مجتمع أكثر أمانًا وتفهمًا.
الأسئلة الشائعة (FAQ) 📖
س: ما هي أبرز العوامل النفسية التي قد تدفع شخصاً لارتكاب جريمة بشعة؟
ج: يا أصدقائي، هذا سؤال عميق ومهم للغاية، ومن خلال رحلتي في التفكير بهذه الأمور، لاحظتُ أن الجانب النفسي يلعب دوراً محورياً. أعتقد أن بعض الحالات النفسية المعقدة، مثل الاضطرابات الشخصية، خاصةً تلك التي تتسم بالعدوانية أو نقص التعاطف، قد تدفع الفرد لسلوكيات خطيرة.
كما أن التجارب الصادمة في الطفولة أو الشباب، مثل التعرض للعنف أو الإهمال، يمكن أن تترك ندوباً عميقة تحول الشخص إلى كتلة من الغضب أو اليأس، مما يجعله عرضة للانجراف نحو الجريمة.
ومن تجربتي، أرى أن عدم القدرة على التحكم بالانفعالات أو وجود أوهام معينة قد يقلب حياة الشخص رأساً على عقب ويدفعه لارتكاب أفعال لا يصدقها عقل. إنها متاهة معقدة، وفي كل مرة أفكر فيها، أدرك كم هي هشّة حدود النفس البشرية.
س: كيف تساهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية في مجتمعاتنا العربية في تفشي السلوك الإجرامي؟
ج: هذا سؤال يلامس قلبي مباشرة، لأنني أرى بعيني كيف أن ظروف الحياة القاسية يمكن أن تضغط على الأفراد. بصراحة، الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة هي وقود للجريمة في كثير من الأحيان.
فكروا معي، البطالة المتفشية، الفقر المدقع، وغياب العدالة الاجتماعية، كل هذه الأمور تخلق شعوراً باليأس والإحباط، وكأن لا مخرج. عندما يجد الشباب أن أبواب التعليم والعمل مغلقة أمامهم، وأن أحلامهم تتلاشى، قد يلجأ البعض، للأسف، إلى طرق غير مشروعة للحصول على المال أو لتعبير عن غضبهم.
لقد لمست بنفسي كيف أن التفكك الأسري، وغياب الرقابة التربوية، والتأثر بسيئات رفقاء السوء في بعض الأحياء، يمكن أن يدفع بأشخاص جيدين نحو الهاوية. الأمر أشبه بدائرة مفرغة، حيث تدفع الحاجة والظلم بعض الأفراد نحو مسار مظلم، وهكذا تتوالى الأحداث.
س: ما هي الفائدة من فهمنا لدوافع المجرمين، وكيف يمكن أن يساعد ذلك في حماية مجتمعاتنا ومنع الجرائم المستقبلية؟
ج: يا لكم من رائعين بهذا السؤال! بالنسبة لي، فهم دوافع المجرمين ليس مجرد فضول، بل هو خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر أماناً. عندما نفهم لماذا يرتكب أحدهم جريمة، نتمكن من معالجة الأسباب الجذرية بدلاً من الاكتفاء بمعالجة النتائج.
فكروا معي، إذا عرفنا أن الفقر هو دافع، يمكننا العمل على توفير فرص عمل وتنمية اقتصادية. وإذا كانت الاضطرابات النفسية هي السبب، يمكننا الاستثمار في خدمات الصحة النفسية والتوعية.
لقد رأيتُ كيف أن برامج إعادة التأهيل التي تركز على الدوافع الكامنة قد نجحت في تغيير حياة الكثيرين. أنا مؤمنة بشدة بأن هذا الفهم العميق يمنحنا القدرة على تطوير استراتيجيات وقائية فعالة، بدءاً من برامج التوعية في المدارس، وصولاً إلى دعم الأسر المضطربة.
إنه ليس بالأمر السهل، ولكنني متفائلة بأننا، معاً، يمكننا بناء مستقبل أفضل وأكثر أماناً لأطفالنا ومجتمعاتنا.






